الشدو الأول لسفرِ الحرب والسلام *
يا أيها الإنسانُ إنكَ كادحُُ ..
ستظلُ تركضُ خلفَ وهمِ الغيبِ ،
تؤمنُ بإنبثاقِ الفجرِ ،
والحُلمُ الحبيسُ يطلُّ ،
يملأُ هذه الدنيا إفتتاناً بالعدالةِ ،
والتسامحِ ،
والحياةِ الرغْدِ ،
والعَيِّشِ الطهورْ .
لكنه الوعدُِ الكذوبْ .
ستظلُّ تحلمُ بالخلاصِ ،
على يَدِ النخاس ،
تحلمُ بإنعتاقِكَ من إسار الفقرِ ،
لكن ..
تزدريكَ مواكبُ الجهلاءِ ،
ضِدَّ السِلمِ ،
والأطفالِ ،
يملؤكَ الأسى أسفاً ،
فيرْتَجُّ المدى خوفاً ،
ويفْجَعُكَ الزمانُ الوغْدُ ،
واللغةُ المُخَنثَةُ ،
الكلامُ الفَجُّ ،
والحرفُ العهورْ .
يا أيها الإنسانُ فى الوطنِ الصبورْ .
يا أيها الإنسانُ فى الوطنِ المُضَيَّعِ ..
بالكلامِ العذبِ ،
والخُطبِ النديِّـةِ ،
مستباحُُ أنتَ فى الوطنِ الحروبْ .
آهٍ سَتَخْزِلُكَ الدروبْ .
فالأرضُ بالأوغادِ تزخرُ والخطوبْ .
رهْطُُ من الهوسِ العنيدِ ،
يُدَبِجونَ خطابَهمْ للحربِ ،
والسلطانُ ، والدجالُ ،
قدْ ناموا على خَدَرِ الحريرْ .
يا كمْ تُرى ..؟
قتلوا بحلو القولِ أحلاماً ،
وباعوا الفسقََ ..
فى سوقِ الوعودِ الكاذباتِ ..
وقتّلوا سِرْبَ الحمامْ .
يا أيها الوطنُ السلام .
تُبّاً لهمْ .
والمترفونَ ، المتْخَنونَ ،
يُمنْطِقونَ القولَ للمأفونِ ،
والسلطانُ يملؤُه الغرورْ .
والحربُ ساقيةُُ تدورْ .
تُبّاً له..
تُبّاً لها ..
تُبّاً لمنْ ماتتْ ضمائرُهمْ ،
على فخذ الندى الممزوجِ ..
بالعفنِ الصديدْ ..
يا ليتهمْ أوفوا النذورْ .
همْ أغنياءُ الحربِ ،
يكتنزونَ مال الخُسْرِ ،
تمتلىءُ البطونَ مخاذلاً ،
وَبِحَقِنا تعلو القصورْ .
يا عُهْرَهمْ ..
قدْ كان من عرقِ العراةِ ،
الكادحينَ على الرصيفِ ،
ومن دماءِ الأبرياءِ ،
وبرتقالِ الخوفِ ،
من لُعبِ الصغارِ ،
واللبنِ الحليبْ .
يا عُهْرَهمْ ..
سرقوا فُتاتَ موائدِ البسطاءِ ،
وأكْتتبوا على صحفِ الخطيئةِ ،
عار فتواهم ،
ليخفوا وَصْمةَ التبريرِ للحربِ الفجورْ .
يا أيها الإنسانُ ..
إنّكَ والخلاصُ على شَفَا فجرٍ ،
وصبحٍ قادمٍ ،
فأطْلِقْ عنانَ هتافِكَ الصداحُ ،
غرّدْ للصباحِ الوعدِ ،
والفجرِ الحضورْ .
فالشمسُ تُشْرِقُ فى الجنوبْ .
والسنبلاتُ الزاهياتُ ..
على ضفافِ النيلِ تنمو ،
والسلامُ البكرُ ،
يسقيهِ الندى الدفاقُ ،
من شلالِ نورْ .
يا أيها الإنسانُ إنّكَ كادحُُ ،
ستظلُ تَنْبُذها الحروبْ .
****
الخرطوم
3/12/1988
* جريدة الشماسه 29/12/1988
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق