الإنعتاق وإشكالية التناقض
.. أسْتريحُ الآنَ من هذا التعبْ .
فَلْتَعْطِنى حُزنى وإذنَكَ بالخروجْ .
وأفتحْ عيون البحر شباكاً ،
أطِلُّ على المروجْ .
إنِّى إقتلعتُ جذورَ وهْمِكَ ،
من دمى ،
وبدأتُ خطوَ الوعدِ ،
من ذاكَ المصَبْ .
أستريحُ الآن من هذا التعبْ .
أنتَ الذى أغلقتَ دائرةَ التحاورِ بيننا ،
وقطعْتَ وصلَ القول ،
ِ بالصمتِ العنادْ .
كان التحاورُ بيننا لُغةً ،
تُفَجِّرُ وعدَ روحينا ،
تُناغمُ بينَ قوْلينا ،
فينْطَلِقُ التوحدُ ،
يَنْمَحى هذا التضادْ .
كانَ التواصلُ مُرتجىً ،
والحلمُ أن نبقى ،
ونقتسمُ الأمانى المُمْكِنهْ .
لكنه يا أنتَ غدرَ الأزمنه .
جفَّتْ رياحينُ الشذى عندى ،
وتواقُُ أنا للنيلِ ، والصحراءِ ،
كلّ الأمْكِنَهْ .
هذا الذى لكَ لا يضيرُ دواخلى ،
نحو إمتزاجكَ فى دمى ،
نحو إنتمائكَ للذى عندى ،
وأنتَ الضِّد فى بدئى ،
وضدُ الريحِ ،
بلْ مُتقوقعُُ فى أُطْرِ ذاتِكَ ،
ساكنُُ ،
والكلُّ فى مدِّ إحتدامِ الوعدِ ،
والسفرِ الولوجْ .
هـا فأعطنى حزنى ،
وإذنكَ بالخروجْ .
عَلِّى أُساوم فيكَ ليلَ الوجْدِ ،
يَقْرِضُنى حنيناً ،
أفتدى نفسى ،
أفُكُّ القيدَ ،
ينهارُ الجدارْ .
مالى أراك الآنَ تنصُبُ ،
للجنونِ ، الخسْرِ ، للموتى ،
تماثيلُ إنتصار .
هذى الدُمى كانتْ تُحَرِكُها ،
أصابعُ مُبْغِضيكَ ،
وأنتَ آخرُ من يدورُ على المدارْ .
كان الحصارْ .
آهٍ ..
متى ينْفَكُ أسرُكَ ،
من رتابة ما عليكَ ،
وتستفيقْ ؟ .
يا أيها المسكونُ بالإرثِ الخرافى ،
إنتفضْ ،
إخْلعْ قميصَ الوهمِ ،
وأخرجْ لابساً ثوبَ التسامحِ ،
وأحترامُ العقلِ ،
ضدَّ تحجّرِ التفكيرِ ،
فى زمنِ إنفلاتِ الفكرِ ،
من قيدِ الوعودِ الكاذباتِ ،
مع البريقْ .
قدْ أشتهيكَ ،
وأنتَ خارجُ سجنِ صمتِكَ ،
وإنغلاق الذاتِ ،
منحازاً إلى الفقراءِ ، والأطفالِ
بل متحرر من أسرِ تفكيرٍ ،
أُحادىِّ الطريقْ .
فمتى تفيقْ ؟ .
كىْ تمنحَ العقلَ النقىَّ ،
مشارباً للوعى ،
تُدْرِكُ أنَّ هذا العشقَ ،
عشقُ الأرضِ ، والإنسانِ ،
فى الزمنِ الحريقْ .
ومتى تُرى ..
ينْفَكُ أسرُكَ من قيودِ الوهمِ ؟
تفتحُ للوعودِ الخيرِ ،
دربَ تواصلٍ أسمى ،
وتمنحُنى تفاؤلَ سكةِ التغييرِ ،
للمدُنِ التى أشتاقها وعداً ،
وباباً للعروجْ .
فلْتَعْطِنِى حُزنى ،
وإذنكَ بالخروجْ .
وأفتحْ عيونَ البحرِ شباكاً ،
أطلُّ على المروجْ .
إنِّى إقتلعتُ جذورَ وهمكَ ،
من دمى ،
وبدأتُ خطوَ الوعدِ ،
من ذاك المصبْ .
هـا .. أستريحُ الآنَ من هذا التعبْ .
****
الخرطوم16/12/1989